الخُـفَّـاش ويطلق عليه أيضا الوطواط وهو الحيوان الثديي الوحيد الذي يستطيع أن يطير. تُغطَّى أجسام الخفافيش بالفراء كما أن الأجنحة مغطاة بجلد ناعم ومرن. تعيش معظم أنواع الخفافيش في الكهوف والأبنية المهجورة أو الأماكن المظلمة الأخرى. كما تعيش بعض الأنواع على الشجر. ويبدو أن الخفافيش غير شائعة في مناطق كثيرة، حيث إنها تسكن في الأماكن المظلمة وتخرج منها فقط أثناء الليل والناس نيام. ويلاحظ في فترة راحة الخفافيش أنها تكون معلَّقة من قدميها.
يوجد أكثر من 950 نوعًا من الخفافيش. وهي تعيش في جميع أنحاء العالم ما عدا القطب الشمالي وأنتاركتيكا، وهي قارة غير مأهولة تقع حول القطب الجنوبي. وتبني معظم أنواع الخفافيش أوكارها في المناطق الاستوائية، حيث يتوافر الطعام طوال العام.
وقد اعتقد الإنسان عبر تاريخه الطويل أمورًا خاطئة ووهمية وخرافات حول الخفافيش. ومن أمثلة ذلك التعبير القائل ¸أعمى كالخفاش·. فهذه العبارة غير صحيحة، حيث إن الخفافيش كلها ترى بالقدر نفسه الذي يرى به الإنسان. والاعتقاد بأن الخفافيش تحمل بقة الفراش وتتشابك في شعر الإنسان اعتقاد غير صحيح أيضاً، حيث إن الخفافيش تتصف بالجبن. تطير الخفافيش بعيدًا عن النافذة أثناء الليل إذا وجدت نفسها في حجرة.
وكثير من شعوب البلاد الغربية يخافون الخفافيش. إلا أنها محبوبة في الصين واليابان، حيث إن كثيرًا من الفنانين الشرقيين وصفوا الخفافيش كرموز للحظ الطيّب والسعادة والحياة الدائمة.
ومعظم أنواع الخفافيش غير ضارة للإنسان. ولكن بعض الخفافيش تسبب داء الكَلَب وخصوصًا في شمال وجنوبي أمريكا، ولهذا السبب فلا يسمح هناك بلمسها.
تتغذى الخفافيش بأعداد كبيرة من الحشرات، لذلك، فهي تقدم خدمة جليلة للإنسان. بالإضافة إلى ذلك، فإن درق (فضلات) الخفاش لها قيمة تجارية كمخصِّب للأرض. كانت بعض الكهوف منذ أزمنة بعيدة أوكارًا للخفافيش، حيث ترسبت فيها كميات كبيرة من هذه الفضلات.
جسم الخُفَّاش
تختلف أنواع الخفافيش في المظهر الخارجي والحجم، حيث إن الخفافيش التي تعيش في الهواء الطلق ربما تكون ألوانها وعلاماتها زاهية، أما التي تعيش في المناطق المظلمة والأماكن غير المكشوفة، فإن لون فرائها أسود، بني، رمادي، أحمر أو أصفر. ويُطلق اسم الثعالب الطائرة على الخفافيش الكبيرة الحجم التي تمتاز بأن باع الجناح (وهي المسافة بين أقصى الجناح الأيمن وأقصى الجناح الأيسر) أكثر من 1,5م، وأن حجم الجسم يكون تقريبًا مساويًا لحجم جسم الحمام. ويوجد في تايلاند أصغر أنواع الخفافيش التي تمتاز بأنفها المسطح، وحجم هذا الخفاش كحجم النحلة ويزن حوالي 1,5 - 2 جم. ويلاحظ أن وزن معظم أنواع الخفافيش يتراوح ما بين 5 - 40 جم وأن باع الجناح يتراوح ما بين 20 - 30سم.
يشبه الهيكل العظمي في الخفاش ذلك الموجود في الثدييات. وكما هو في الثدييات، فإن الخفاش له أيد ذات أصابع وأقدام ذات أصابع أيضًا. ويختلف معدل التنفس وضربات القلب ودرجة حرارة الجسم في الخفاش كثيرًا عما هو في الثدييات الأخرى. هذا الاختلاف يرجع إلى درجة نشاط الخفاش، وإلى درجة حرارة البيئة المحيطة به. وفي بعض الأنواع، فإن درجة حرارة الجسم أثناء فترة الراحة تساوي تقريبًا درجة حرارة البيئة التي يعيش فيها الخفاش.
الرأس. يختلف الوجه والرأس كثيرًا بين الأنواع المختلفة من الخفافيش. ففي بعض الخفافيش، يأخذ الرأس شكل الدب الصغير أو الكلب. وفي البعض الآخر، يكون الوجه مفلطحًا. وفي بعض الأنواع، توجد ثنيات من الجلد موجودة على الأنف. لذلك يُطلق عليها الأنف الورقي، هذا الأنف يشابه إلى حد كبير رأس الحربة أو السيف. وحاسة الشم في الخفافيش جيدة تساعدها في إيجاد طعامها ومأواها.
معظم الخفافيش لها أسنان صغيرة وحادة تساعد على تقطيع الطعام. وتهضم الخفافيش الطعام بسرعة كبيرة بالمقارنة بالثدييات الأخرى. هذا الهضم السريع يساعد الخفاش على تجنب الوزن الزائد أثناء الطيران.
الأجنحة والأرجل. تقوم أيدي الخفاش مقام جناحيه، وتدعم أصابعه الطويلة جلد الأجنحة المرن. والذراع العلوي والأمامي والأصبع الثاني والثالث عبارة عن الحافة الأمامية للجناح. أما الأصبع الرابع والخامس فهما دعامة مساعدة للجناح وتمتد الحافة الداخلية من الجناح لأسفل بجانب الجسم وعلى طول الأرجل حتى الكاحل والقدم.
يختلف طول أجنحة الخفاش من نوع إلى آخر. فأنواع الخفافيش الخفيفة الحركة تمتاز بأجنحتها الطويلة الضيقة. بعض الأنواع التي ترفرف أو تحوم في مكان واحد تكون أجنحتها قصيرة وعريضة. ومعيار القياس لحجم الخفاش يعبَّر عنه بطول الذراع الأمامي. وتستطيع بعض أنواع الخفافيش الطيران بسرعة 24كم/س ولكن معظمها يقطع مسافة 8 - 13 كم/س.
بعض الخفافيش لها أرجل ضعيفة. وأنواع كثيرة منها ذات ذيل متصل بين الأرجل للطيران وبعضها يثني الأجنحة لأعلى ويستخدم الأذرع والأرجل للمشي. ولكن بعض الأنواع لا تمشي على الإطلاق. فهي تستخدم الأرجل لتتعلق بها في أوكارها. ولكل قدم خمس أصابع ذات مخالب شبه دائرية تساعد الحيوان في التعلّق على الأفرع الصغيرة والصخور باطمئنان.
حياة الخُفَّاش
يعيش بعض أنواع الخفافيش في جماعات تصل أعدادها إلى آلاف أو حتى ملايين من الأفراد. وبعضها يعيش وحيدًا أو في مجموعات صغيرة. ومعظم الخفافيش تظلّ نائمة طوال اليوم في أوكارها وكذلك فهي تقوم بتمشيط فرائها وأجنحتها أو ترعى صغارها أثناء النهار.
وقبل الغسق أو الظلمة أو الليل بحوالي الساعة، تبدأ الخفافيش في التحرك في دوائر أو تطير لفترات قصيرة. وعند الغسق، تبدأ الخفافيش في الطيران من أوكارها وتتجه مباشرة إلى سطح الأرض لتبحث عن غذائها. تأكل أنواع كثيرة منها الحشرات، و نوع يبحث عن منطقة خاصة بصنف معين من الطعام، فتبحث بعض الخفافيش عن غذائها في المناطق المكشوفة أو في الغابات الكثيفة أو فوق أسطح البرك.
يأكل كثير من الخفافيش كل ليلة كمية من الأكل تساوي نصف وزنها. ولهذا فهي تستريح في أوكارها، أما أثناء النهار أو في الليالي المختلفة و بعد أن تهضم غذاءها فربما تأكل من جديد، وفي بعض الأحيان وقبل بزوغ الفجر تعود إلى أوكارها النهارية للنوم.
للخفافيش أعداء قليلة، مثل الطيور المفترسة والقطط والبوم والثعابين. وفي بعض الأحيان، يفترس ابن عرس الخفافيش. وتتجنب الخفافيش أعداءها على الأرض وذلك بأن تتدلى من الأماكن المرتفعة. وتعيش بعض أنواع الخفافيش حوالي 15 - 25 سنة.
كيف تحدد الخفافيش اتجاهها. تعتمد بعض الخفافيش على الرؤية وحاسة الشم لتتعرف على اتجاهها لتجد الطعام في الليل المظلم. وتتعرف بعض الخفافيش على اتجاهها عن طريق إصدار الصوت واتباع الصدى. فهذه الأصداء الصوتية تحدث نتيجة لسلاسل من الأصوات ذات الترددات القصيرة والعالية التي تحدثها الخفافيش باستمرار أثناء طيرانها. وعن طريق هذه الأصداء الصوتية، تتعرف الحيوانات على الاتجاه والمسافة للأهداف في المنطقة. هذه العملية الخاصة بأصداء الصوت تسمى تحديد موقع الصدى.
وكل نوع من الخفافيش يستخدم خاصية تحديد موقع الصدى يعمل على أن تكون له طبيعة معينة من الصيحات. معظم هذه الأصوات أبعد من أن تلتقطها الأذن البشرية. ويعتقد بعض علماء علم الحيوان أن الخفاش قد يستعمل الشفاه أو الأنف الورقي ليحدد الأصوات في اتجاه معين أو لهدف محدد كأن تكون حشرة مثلاً، وأن صدى الصوت من الحشرة يعطي للخفاش معلومات عن حركة الفريسة بالإضافة إلى اتجاهها وبُعد المسافة.
الغذاء. يتغذى كثير من أنواع الخفافيش بالحشرات التي تطير أثناء الليل، حيث يصطاد الخفاش الحشرات إما عن طريق الفم، أو غشاء الذيل أو الأجنحة أثناء طيرانه.
تفترس أنواع كثيرة من الخفافيش الحشرات الكبيرة، والعقارب أو العناكب الموجودة على الأرض، وتوجد خفافيش أخرى تلتقط الحشرات من على سطح الماء، إما عن طريق الفم أو عن طريق المخالب. كما تمسك بعض الخفافيش الأسماك بمخالبها. وأنواع قليلة تأكل السحالي والقوارض والطيور الصغيرة وضفادع الشجر، وأحيانًا تأكل الخفافيش الأخرى. ويتغذى الخفاش مصاص الدماء بدماء الحيوانات الأخرى.
تتغذى أنواع مختلفة من الخفافيش الاستوائية بالنباتات. وبعض هذه الأنواع تجمع الرحيق واللقاح من الأزهار ومثل هذه الخفافيش تلِّقح النباتات التي تتغذى بها. وأيضًا تأكل بعض الخفافيش الاستوائية الفاكهة وبذلك تساعد على انتشار بذور كثير من النباتات. وقد تسقط البذور الصغيرة على الأرض من فم هذه الخفافيش أثناء تناولها الغذاء. ومن الممكن أن تجلب الفاكهة ذات البذور الكبيرة إلى أوكارها وتسقط هذه البذور بعد أكل الفاكهة. وقد تترسب البذور في فضلات الخفاش. ولهذا فإن هذه البذور يمكن أن تصل إلى التربة الزراعية وتنبت في أماكن جديدة. ويلاحظ أن الخفافيش التي تأكل الطعام الرطب لا تحتاج إلى شرب كمية كبيرة من الماء. وكثير من أنواع الخفافيش تلعق الماء بلسانها أثناء الطيران قرب سطح بركة أو نهير.
السبات (البيات) الشتوي والهجرة. يلجأ كثير من الخفافيش إلى السبات الشتوي وبعضها يهاجر أثناء الشتاء. وذلك نتيجة لانخفاض درجات الحرارة وندرة الغذاء لقلة الحشرات والنباتات كغذاء في الشتاء. وفي المنطقة المعتدلة (بين المنطقة الاستوائية والدائرتين القطبيتين)، تلجأ الخفافيش إلى السبات الشتوي غالبًا في الكهوف أو المناطق الصخرية. وتعيش الخفافيش على دهن الجسم الزائد المتكون خلال أواخر الصيف أثناء السبات الشتوي.
تهاجر بعض الخفافيش في الخريف إما للبحث عن الطعام أو لتجد مكانًا مناسبًا للسبات الشتوي. وتطير لمسافات طويلة لتجد غطاءً مناسبًا يحميها من المناخ الشتوي القارس. وكثير من الخفافيش التي تسكن في الكهوف تقضي الشتاء بأكمله في المكان نفسه كما تقضي الصيف بأكمله في الأوكار نفسها.
ولا تلجأ خفافيش المناطق الاستوائية إلى السبات الشتوي، حيث إن درجة الحرارة والإمداد بالغذاء يكونان مناسبين طوال السنة. إن المعلومات قليلة عند العلماء عن هجرة خفافيش المنطقة الاستوائية.
التناسل (التكاثر). في كثير من أنواع الخفافيش، تشغل الذكور والإناث مساكن مختلفة. وأيضًا في بعض الأنواع، يمكن أن تعيش الذكور والإناث في مناطق مختلفة أثناء موسم التزاوج الذي يمتد إلى أسابيع قليلة ويمكن أن يحدث في فصل الربيع أو الخريف أو الشتاء وهذا يعتمد على نوع الخفافيش. وقد تبقي الأنثى الحيوانات المنوية للذكر داخل جسمها لعدة أشهر قبل أن تصبح حاملاً. وفي موسم الربيع يمكن أن تترك الخفافيش الحوامل المستعمرة المألوفة وتجتمع مع بعضها في مستعمرة للحضانة تتم فيها الولادة وتنشئة الصغار. ومعظم أنواع إناث الخفافيش تلد صغيرًا مرة واحدة في العام الواحد. وبعضها قد يكون لديه صغيران في العام الواحد، وأنواع قليلة منها قد تلد حتى أربعة صغار في وقت واحد.
يزن الخفاش الصغير المولود حوالي خُمس وزن الخفاش مكتمل النمو. لا تبني الخفافيش عشًا، وعلى هذا فإن الصغير المولود لابد أن يكون عالقًا بالأم أو بمأواه. وفي بعض الأنواع، فإن المولود الصغير يتشبث بالأم لأسابيع عديدة. تمكث صغار بعض الأنواع من الخفافيش في مأواها، حيث تتعلق بمفردها على الصخور أو مع مجموعات. تحتضن معظم أنواع الخفافيش صغارها من 1 إلى 3 شهور.
أنواع الخفافيش
الثعالب الطائرة تُطَلق على الخفافيش التي تأكل الفاكهة. وتوجد في المناطق الاستوائية في إفريقيا وآسيا. وهي تعيش على الفاكهة ولكن بعضها يتغذى بالرحيق واللقاح. ولها أعين كبيرة و تتمتع برؤية جيدة في الضوء الضعيف، وذلك بالمقارنة بالأنواع الأخرى من الخفافيش. وحاسة الشم لديها قوية. يعيش بعضها في جماعات أو في معسكرات مفعمة بالضجيج على الأشجار والبعض الآخر يعيش في الأجزاء المظلمة من الكهوف أو تكون مدلاة تحت الصخور، وتشمل الثعالب الطائرة الخفافيش الكبيرة الحجم ولكن بعضها قد يكون صغيرًا جدًا وخصوصًا الخفافيش التي تتغذى برحيق الأزهار.
خفافيش ذيل الفأر وهي بصفة استثنائية لها ذيل طويل ودقيق. وتعيش هذه الخفافيش في المناطق الحارة وشبه الحارة من إفريقيا وآسيا الجنوبية وتأكل الحشرات وتسكن في الكهوف والأبنية.
خفافيش مُغْمَدة الذيول تتغذى بالحشرات وتوجد في المناطق الاستوائية ويكون ذيلها القصير محصورًا جزئيًا في غشاء الطيران الذي يرتبط بالأرجل وتبرز في الذيل من السطح العلوي. وتشمل الخفافيش مغمدة الذيول خفافيش كيس الجناح التي تحتوي على غدة في غشاء الجناح وخفافيش الشبح ذات اللون الأبيض أو الرمادي الأبيض.
خفاش أنف الخنزير يوجد في تايلاند وهو غالبًا يعتبر أصغر أنواع الخفافيش ومن أصغر أنواع الثدييات. وقد تم اكتشافه عام 1973م وأنفه مفلطح ويشبه أنف الخنزير وأذناه كبيرتان جدًا، وهو يحوم حول قمم أشجار النخيل ويتغذى بالذباب والعناكب.
خفافيش الوجه المشقوق تعيش في إفريقيا وجنوبي آسيا. وتمتاز بوجود أخدود أسفل الوجه وبأذنين كبيرتين وتتباين ألوانها من اللون البرتقالي الأحمر إلى اللون البني الضارب للحمرة أو الرمادي، وتتغذى بالحشرات والعناكب وكذلك العقارب.
خفافيش مصَّاصة للدماء توجد في إفريقيا وجنوبي آسيا وأستراليا. انظر: الخفاش، مصاص الدماء.
خفافيش حدوة الحصان توجد في: آسيا وإفريقيا وأستراليا وأوروبا. تمتاز بالأنف المعقّد الذي يأخذ شكل حدوة الحصان على الأنف الورقي، ووجود ثنيات ونتوءات كثيرة. وتتغذى هذه الخفافيش بالحشرات وأوكارها في الكهوف. وتدخل الخفافيش البيات الشتوي في فصل الشتاء وذلك في المناطق المعتدلة الحرارة.
خفافيش العالم القديم ذات الأنف الورقي. توجد في إفريقيا، جنوب آسيا وأستراليا ولا تصل إلى المناطق المعتدلة. وهي تشبه خفافيش حدوة الحصان على اختلاف بسيط في الأنف الورقي، حيث إنه في بعض الأحيان يكون معقدًا أو به زوائد ورقية. تأكل هذه الخفافيش الحشرات وأوكارها في الكهوف.